فيلم: خارج عن القانون
دفع هذا الفيلم أكثر من ألف فرنسي للتظاهر على بوّابات مهرجان “كان” السينمائي عندما ترشّح لسعفته الذهبيّة في عام 2010، مجدداً نكتشف أن الماضي هو مجرّد تعنيف قاسي للحاضر كما قال “روبرت بين وارن”. وعند النظر لموضوع الفيلم قد نفهم الدوافع لذلك، الفيلم يتحدّث عن ثلاثة أشقّاء طُردوا من أرضهم في الجزائر لينتهي بهم الأمر بعد عدّة سنين في قيادة حركة الاستقلال الجزائريّة من قلب العاصمة الفرنسيّة باريس فترة الخمسينيّات. بالتركيز على جزئين بالتحديد، الاول هو الوجه البشع للصراع بين جبهة التحرير الجزائرية والسلطات الفرنسية، والذي يتخذ أسلوب جماعات المافيا، والجزء الآخر يدور حول الصراع من أجل الحياة من منظور ثلاث رجال وعائلاتهم يعيشون في مدن الصفيح ويحاولون ثني التاريخ لصالحهم. يُمكن إعتبار هذا الفيلم درساً في التاريخ عدا عن كونه فيلم إثارة وتشويق جيّد جداً.
المُخرج و الكاتب: رشيد بو شارب
بطولة: جمال دبّوز (بدور: سعيد)، رشدي زيم (بدور: مسعود)، سامي بواجيلا (بدور: عبد القادر).
مدة الفيلم: 138 دقيقة (ساعتين و18 دقيقة).
سنة الإنتاج: 2010
البلد: الجزائر.
يبدأ الفيلم بمشهد أب جزائري يعيش على أرضه يتم إخباره من رجال الشرطة أن أرضه التي يعيش عليها لم تعد ملكه، ولديهم الأوراق التي تثبت ذلك، كان ذلك في 1925، قبل أن تنتقل بنا كاميرا الفيلم للعام 1945 وبالتحديد في يوم 8 مايو من هذا العام، حيث كانت تحتفل فرنسا باستقلالها بعد استسلام النازيون بينما أُرتكبت قوّاتها الاستعماريّة مجزرة مُروّعة في الجزائر راح ضحيتها الآلاف فيما عُرفت فيما بعد بـ”مجزرة سطيف“. نكتشف، عبر السير مع المُخرج في فيلمه الثاني عن الجزائر، الحالة المعيشيّة للأبطال الثلاثة بعد المجزرة بسنوات. “عبد القادر” المسجون في فرنسا بعد إعتقاله في مُظاهرة سطيف سابقة الذكر. “مسعود” الذي عاد لتوه من الحرب الفيتناميّة و”سعيد” الذي وجد لنفسه طريقة لجني الأموال عبر تأجير فتيات الليل ولاحقاً عبر عقد مباريات المُلاكمة في باريس. بعد خروج “عبد القادر” من السجن يقرر البدء بتكوين نواة للمقاومة الشعبيّة داخل باريس، الخطة كانت مواجهتهم في ديارهم، نقل المعركة إلى أرضهم، تشكيل ضغط عليهم، نشر أعمال العنف التي ستؤتي أُكلها بعد حين. تبدأ المواجهة في البداية بين الحركة الوطنية الجزائرية وبين جبهة التحرير الوطني قبل أن تنتقل لحرب مافيا بين الشرطة الفرنسيّة ورجال الجبهة.
يبدو على المُخرج في هذا الفيلم تحديداً التأثّر بتجربة “جان بيير ميلفيل” في فيلم “جيش الظلال” (1969) حيث يصوّر مجموعة من الرجال المستعدون للتضحية بحياتهم مع علمهم بهذا الثمن القاسي الذي قد يُضطرّون لدفعه في نهاية المطاف. يُظهر لنا بعض الخيارات القاسية واللاإنسانيّة التي قد يُجبرون على إتّخاذها من حين لآخر من أجل استمرار رسالتهم. هذا فيلم مُلهم جدّاً وقادر على إيصال معنى حقيقي لما يجب أن تكون عليه “المقاومة الشعبيّة”.
يُذكر أنّ الفيلم تعرّض لهجمة قويّة عندما أُعلن عن النية لتصويره، واجهته بعض الجمعيّات الفرنسية قائلة أنّ الفيلم لا يعبر عن التاريخ الحقيقي وأنّه من المؤسف أنه سيكون ارتكازاً تاريخيّاً لمحبي السينما مع ما يحمله من مغالطات وأخطاء تاريخيّة جسيمة خاصّة فيما يتعلّق بمجزرة سطيف وحقيقة ما حدث هناك. لكنّ “مصطفى عُريف” أحد المشاركين في انتاج الفيلم، رد على الاتهامات الموجّهة للمُخرج وخصوصاً فيما يتعلّق بمشاهد مجزرة سطيق قائلاً: ” رشيد بوشارب قام بعقد الكثير من القابلات مع شهود ومؤرّخين، وانطلاقاً من هنا فأنا لا أعتقد ان القصّة في الفيلم قد إنحرفت عن الحقيقة التاريخيذة على الإطلاق”.
لاحظت من خلال البناء السينمائي لشخصيّة “عبد القادر” تأثّر الكاتب بشخصيّة “مالكوم إكس” الشهيرة. ربّما لم يكن الأمر مُتعمّداً لكنّي لن اُخفي حالة التشويش التي كانت تصيبني لأجزاء من الثانية في بعض المشاهد بسبب هذا الأمر. كما أنّ الفيلم افتقد للتدرج الجيّد في نقل الأحداث والانتقال من فترة زمنيّة لأخرى، وعلى جبهة أخرى نجد المُخرج وقد أسهب في عرض تفاصيل مشاهد معيّنة على حساب مشاهد أخرى كان من الواجب إعطائها حقّها كي لا يخرج المُشاهد بإحساس “الرجل الذ تم خداعه للتو” عندما لا يجد الرابط المنطقي بين الأحداث، خاصة أحداث نهاية الفيلم.
تقييمي الشخصي: 7/10
***
فيلم: معركة الجزائر
(بالايطالية: La battaglia di Algeri)